بسم الله الرحمن الرحيم
سلامة الصدر وقلوبنا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن أمة الإسلام أمة صفاء ونقاء في العقيدة والعبادات والمعاملات، وقد نهى النبي عما يوغر الصدور ويبعث على الفرقة والشحناء فقال : (لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) رواه مسلم، وقال حاثاً على المحبة والألفة: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا..) رواه مسلم ، كما أن سلامة الصدر نعمة من النعم التي توهب لأهل الجنة حينما يدخلونها، قال تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ الحجر:47.
وفي سلامة الصدر راحة في الدنيا وهي غنيمة في الآخرة كما أنها من أسباب دخول الجنة، وكثير من الناس اليوم يتورع عن أكل الحرام أو النظر الحرام ويترك قلبه يرتع في مهاوي الحقد والحسد والغل والضغينة.
وبعض الناس يظن أن سلامة القلب هي سهولة غشه وخداعه والضحك عليه وهذا خلاف المقصود فقد قال ابن القيم رحمه الله: ( الفرق بين سلامة الصدر والبله والتغفل: أن سلامة القلب تكون من عدم إرادة الشر بعد معرفته، فيسلم قلبه من إرادته وقصده لا من معرفته والعمل به، وهذا بخلاف البله والغفلة فإنها جهل وقلة معرفة، وهذا لا يحمد إذ هو نقص، وإنما يحمد الناس من هو كذلك لسلامتهم منه ).
وسلامة الصدر من أسباب دخول الجنة فعن أنس بن مالك قال: ( كنا جلوساً مع الرسول فقال): يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال فلما كان الغد قال النبي مثل ذلك فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي مثل مقالته أيضاً فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي تبعه عبدالله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت فقال: نعم، قال أنس: وكان عبدالله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئاَ غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبدالله غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبدالله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر، ولكن سمعت رسول الله يقول لك ثلاث مرار يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرار فأردت أن أوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه. فقال عبدالله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق ) رواه الإمام أحمد.
• من أسباب التشاحن والتباغض:
1. طاعة الشيطان.
2. الغضب.
3. النميمة.
4. الحسد.
5. التنافس على الدنيا.
6. حب الشهرة والرياسة.
7. كثرة المزاح.
• والمسلم مطالب بتزكية نفسه والبعد عن الغل والحقد والحسد، ومما يعين على سلامة الصدر:
1. الإخلاص.
2. رضا العبد عن ربه وامتلاء قلبه به.
3. قراءة القرآن وتدبره.
4. تذكر الحساب والعقاب.
5. الدعاء.
6. الصدقة.
7. تذكر أن من تنفث عليه سُمُومك، وتناله بسهامك هو أخ مُسلم.
8. إفشاء السلام.
9. ترك كثرة السؤال وتتبع أحوال الناس.
10. محبة الخير للمسلمين.
11. عدم الاستماع للغيبة والنميمة.
12. إصلاح القلب ومداومة علاجه.
13. السعي في إصلاح ذات البين.
(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم )
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
.