تأثير الألقاب السلبية على شخصية الولد وبنائه النفسي.
وللألقاب السلبية أثر مدمّر على شخصية الولد وبنائه النفسي:
فالطفل الذي يسمع والديه يومياً يلقبانه بألقابٍ سيئة مثل:(حيوان ،متخلف،تحفة.....) وغيرها، تنطبع في ذهنه الصورة التي يخبره بها المحيطون عن نفسه، ويصدّقها ويتحد معها، ومِن ثَمّ يتصرف بمقتضاها سلباً وإيجاباً.
فإذا ناديناه دائماً بكلمة(يا غبيّ)فإنه بكل تأكيد سيتصرف بغباء، بينما لو لقبناه بالذكيّ وناديناه دائماً بالألقاب التي تدور حول معنى الذكاء والذهن المتّقد مثل:( يا ذكيّ، يا أبا الأفكار، يا عبقري...)؛ فسيكون الولد في حالة دائمة من شحذ الذهن والتركيز حتى يحقق في الواقع ما وصفه به المحيطون، ويحاول جاهداً أن يعمل بمقتضى اللقب الحسن؛ من أجل أن لا يفقده.
وكل ذلك يتم بشكل طبيعي كفعل ورد فعل منعكس على الطفل، فالله تعالى قد ألهم النفوس أن تضع الأسماء على حسب مسمياتها، وأن يكون هناك تناسب بين الاسم واللقب، وبين ما يستدعيه في نفس صاحبه من الأخلاق والأعمال، كتناسب الأسباب ونتائجها، وترتب كل منهما على الآخر.(هداية الله أحمد شاش:موسوعة التربية العملية للطفل)
عزيزي المربي..
إن البيت المسلم الذي هو نواة المجتمع الكريم، لا تجد فيه أحداً يسخر من أحد، أو يفضحه يذكر عيب فيه، أو يناديه بلقبٍ يكرهه، أما البيت الذي امتلأ بالسخرية واللمز والتنابز بالألقاب؛ فأهله بحاجة ماسة إلى التوبة المتجددة والاستغفار الدائم؛ حتى لا يكونوا من القوم الظالمين، فللابن حرمة مثل الفرد المسلم الذي يحرم إيذاؤه بأي شكل من أشكال الأذى.
وله حقٌ أخصّ وألزم بصفته الابن والولد، تقتضي من باب الأولى عدم استباحة شتمه أو نعته بالألقاب السيئة، ولذلك فالمربي الذي يراقب الله تعالى في تربية صغاره، يشعر بوخز الضمير إذا أطلق لسانه في أهله وولده، ويتأثم من ذلك الفعل، فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:كنت رجلاً ذَرِبَ اللسان على أهلي وكان لا يعدوهم إلى غيرهم، فقلت: يا رسول الله؛ إني قد خشيت أن يدخلني لساني النار،قال الرسول صلى الله عليه وسلم :"فأين أنت من الاستغفار؟ إني لأستغفر الله في اليوم وأتوب إليه مئة مرة"راجع صحيح ابن حبّان:3/205. ( نقلا عن :عبد الله عبد المعطي:كيف تصنع طفلاً مبدعاً؟،ج:2،ص،13).
خاصية التوجيه الذاتي في الاسم واللقب:
وقد أكّد علماء التربية أنّ اسم الولد ولقبه أو كنيته التي يناديه بها والديه ومربيه على وجه الخصوص،يكون لها أثر كبير في تشكيل وبناء شخصيته سلباً أو إيجاباً بحسب نصيبه من الألقاب الحسنة الإيجابية.
وقلّ ما أَبْصَرَتْ عيناك ذا لقبِ إلا ومعناه إن فكرت في لقبه
فالعناية بإطلاق اللقب الحسن الذي يحمل المعاني السامية يُعدّ من أمنية المربي لولده، وقد أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم: من تمنّى أن يحسن أمنيته،وقال:"إنّ أحدكم لا يدري ما يكتب له من أمنيته".أى: ما يقدّر له منها، ويكون تلََفُظَه بالأمنية سبب حصولها وتحققها في أرض الواقع بإذن الله تعالى، وقد بلغنا أخبار كثير من المتمنّين أصابتهم أمانيهم أو بعضها، وكان أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت:
احذر لسانك أن تقول فتبتلى إنّ البلاء موكل بالمنطقِ.
ولما وقفت حليمة السعدية على عبد المطلب تسأله رضاع رسول الله صلى الله عليه وسلم ،قال لها:مَن أنتِ؟ قالت:امرأة من بني سعد،قال: فما اسمك؟ قالت:حليمة،فقال:بخٍ بخٍ،سعد وحلم، هاتان فيهما غناء الدهر.(جمال عبد الرحمن:أطفال المسلمين كيف ربّاهم النبيّ صلى الله عليه وسلم ؟)
ومازال الأذكياء من المربين يترسمون هدى النبي صلى الله عليه وسلم في تلقيب الأبناء والتلاميذ بألقاب تدل على محاسنَ فيهم، فيكون اللقب ثناءً على صاحبه ومشجعاً له على الاستمرار، مثل ما فعل التابعي الجليل نافع مولى ابن عمر عندما أتاه تلميذه –عثمان بن سعيد- من مصر ليقرأ عليه القرآن، فوجد القرّاء قد ازدحموا عليه حيث يقرا عليه في اليوم والليلة ثلاثين رجلاً، فلم يكن له حلٌّ إلا أن يبيت في المسجد حتى يأخذ على الإمام نافع النَوَْبة في القراءة مبكراً جداً قبل أن يبدأ مع تلاميذه، فأعجب معلمه بنشاطه وخفته وهمته العالية،فلقّبه "بالورشان" وهو طائر أبيض معروف، فكان يقول: اقرأ يا ورشان وهات يا ورشان، ثم خفف وقيل "ورش"،وكان الإمام ورش يعتز بهذا اللقب ويقول:أستاذي نافع سماني به، واستمرت العلاقة بينهما حتى أتقن ورش" قراءة القرآن على قراءة شيخه نافع، ثم انتقل إلى مصر وصارت له رئاسة الإقراء فيها.(عبد الله عبد المعطي:كيف تصنع طفلاً مبدعاً،ص:18)
وأخيراً أعزائي المربين:
إن كل منّا لو نظر بإمعان في جوانب شخصية ولده لابد سيجد فيها الكثير من المميزات التي تَعِد بخير كثير في مستقبل هذا الولد، فلنصوّب على أكثرها لمعاناً وتوهجاً، فنلقبه به لقباً مميزاً.. يرفع معنوياته،ويشجعه على تحقيق معناه وما يتضمنه من صفات وأخلاق.