تربية الأطفال على تقدير نعمة المال وحسن تدبيره .. ضرورة
هل يدرك طفلك قيمة النقود التي تقع في يديه ؟ هل يعرف الفرق بين إنفاقها جميعـًا في يوم واحد ، أو حتى تركها في أي مكان وبين الاحتفاظ بها أو ببعضها ؟ هل يوازن في الإنفاق دون إسراف أو تقتير ؟
يقول الكاتب خالد الشنتوت ـ في كتابه " دور البيت في تربية الطفل المسلم " ـ : اعتاد الآباء والأمهات والأقارب على إعطاء الطفل نقودًا على شكل مصروف يومي ترضيه له كلما غضب أو كهدية من أحد الأقارب ، ومعظم هذه النقود يشتري بها الطفل المرطبات المثلجة أو الحلوى أو الأطعمة من الباعة المتجولين مما يسبب له الأمراض المتكررة ، والأضرار الخلقية والنفسية ومن ذلك :
1- يعتاد الطفل على اكتساب المال بسهولة وبدون كد أو عناء ومن طبيعة النفس البشرية أن تتخلى بسرعة عن كل ما كسبته بسهولة ، والعكس صحيح .
2 - يعتاد الطفل على الإسراف وهدر المال كما يعتاد ألا يدخر المال ، بل ينفق كل ما يكتسبه .
3 - عندما يتعود الطفل على الإسراف ثم يقصر عنه لسبب ما ، فقد يلجأ إلى السرقة من والديه .
ولأجل علاج هذا الخلل ، هذه بعض المعالم المستخلصة من تجارب بعض الآباء المسلمين :
1- لا تدفعي مالاً للطفل بدون سبب ، بل ابحثي عن سبب كلما أردت أن تدفعي له ، قولي له أنت نظيف ، لذلك خذ هذا المال ، أو أنت تنام باكرًا ، لذلك خذ هذا المال .. إلخ .
وبعد دخول المدرسة تكثر الأسباب ، ومنها حصوله على درجة ممتازة ، أو حفظه جزءًا من القرآن الكريم ، أو محافظته على الصلاة في أوقاتها ، وقد نطلب منه أن يعلم أخاه الصغير بعض الدروس في الإملاء أو التجويد أو الرياضيات ، وندفع له مقابل ذلك ، والهدف من وراء ذلك كله أن نعوِّده منذ الصغر على كسب المال بعد الكد والجهد ليعرف قيمة المال ، ودوره في الحياة .
ويحكى أن رجلاً ثريـًا طلب ابنه الصغير منه أن يشتري له دراجة فأجابه بأنه لا يملك نقودًا كافية في المنزل فرد الصغير ببراءة وسذاجة ، وقال : اذهب إلى البنك واسحب نقودًا ، وأدرك الأب أن ابنه الصغير لا يقدر قيمة المال ، ويعتبر أن الحصول عليه لا يكلف الأب إلا أن يذهب إلى البنك ويسحب ما يشاء .
وفي اليوم التالي اشترى له صندوقـًا به معدات لمسح الأحذية وطلب منه أن يذهب كل يوم إلى أقرب محطة مترو يمسح أحذية الركاب ويدخر من أجره ثمن الدراجة ! وهكذا أدرك الصغير أن النقود تأتي من العمل والكد والكفاح ، فليت كل أب وأم يشجعان أبناءهما على العمل داخل ا, خارج البيت حتى لا تضعف شخصيتهم ولا يستهينوا بالنقود .
2- عودي طفلك على الادخار ، وأحضري له حصالة نقود يضع فيها بعض ما يأخذه وراقبيه بحيث لا يصرف كل ما يأخذه مهما كان قليلاً ، فإن تعوّد الطفل على صرف كل ما يملكه عادة قبيحة ، وكي نشجع الأطفال على التوفير ، فلنجعلهم يشترون ألعابـًا وأشياءً مهمة لهم مما وفروه .
3 - في المدرسة المتوسطة ، ادفعي لولدك مكافآت تكفي لشراء ملابسه وأدواته الشخصية والمدرسية ، وكل مصروفاته ما عدا طعامه وسكنه ، وأفهميه أنه مسؤول عن شراء ملابسه وحاجاته ، وفي ذلك تنميه لشعوره بالمسؤولية ، وحرية الإرادة ، واتخاذ القرارات ، وممارسة الحياة العملية .
4 - في المدرسة الثانوية تُزاد المكافآت ويُبحث للولد عن مورد دخل لقاء عمل يقوم به داخل الأسرة ، أو خارجها شريطة ألا يتعارض ذلك مع دراسته ، وإذا كان هذا المورد قليلاً دعمه الوالدان .
5 - في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية نطلب من الولد تخصيص سجل يكتب فيه وارداته ومصروفاته مع تواريخ الورود والصرف ، ونراجع له هذا الحساب شهريـًا أو بشكل دوري ونبين له رأينا في إسرافه أو تقديره ونكافئه عندما نجده مقتصدًا .
6 - عودي أطفالك منذ الصغر على الإنفاق في سبيل الله ، شجعيهم على البذل ، وعوديهم على دفع صدقات للفقراء ، وصدقة الفطر من مالهم ورغبيهم في دفع مالهم ، وكذلك التربية بالقدوة عندما يرى الأطفال الأب والأم يتبرعان فيقلدونها ، ونشرح للأطفال الثواب الجزيل للجهاد بالمال ، قال تعالى : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبةٍ أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسعٌ عليم )(البقرة/261)