بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وافضل الصلاة واتم التسليم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
الفارابى
طوال عصر النهضة الاوروبية الحديثة, درج المستشرقون علي اطلاق لقب: المعلم الثاني علي ابي نصر محمد بن طرخان الفارابي, الفارسي الاصل, التركي الموطن, العربي الثقافة والدين.
في قرية من قري تركستان وفي عام259 للهجرة ولد فارسنا الذي عرف باسم ابي نصر الفارابي نسبة الي مدينة فاراب احدي المدن التركية الواقعة في اطراف بلاد فارس وهذا الاقليم معروف بالاراضي الخصبة عامرة بالبساتين ومزارع الفواكه والخضراوات.
حفظ الفارابي القران الكريم في مساجد المدينة ودرس الفقه والحديث والتفسير, واتقن التركية والفارسية. وجاب ارجاء اسيا الوسطي وبلاد فارس وافغانستان في سبيل العلم, وعندما بلغ من العمر خمسين سنة دخل بغداد وكانت مقرا للخلافة العباسية فرأي مدينة عجيبة هي خليط من العرب والفرس والمغاربة والاتراك والتقي بإمام وشيخ المنطقيين أبي بشر بن يونس الذي دفعه لتعلم واتقان نحو العربية وصرفها, وصحبة للقاء عالم النحو والصرف ابي بكر السراج, فقرأ الفارابي علي يدي العالم ابي بكر كتب كثيرة ومختلفة في النحو البلاغة والصرف واستغرق درسهما واتقانهما عامين من حياته في بغداد لم ينقطع فيهما عن دراسة المنطق والفلسفة والموسيقي والرياضيات.
ومن أهم مؤلفات الفارابي التي بلغت70 مؤلفا كتاب مباديء وآراء أهل المدينة الفاضلة الذي ضمن فيه فلسفته واراءه في ما وراء الطبيعة والكون والحياة والمجتمع والسياسة والاخلاق. وتجاوز به مدينة افلاطون الفاضلة بقيم مجتمع عربي مسلم. وقد طبع هذا الكتاب عدة مرات وترجم الي اللغة الالمانية والفرنسية والتركية والاسبانية والانجليزية. أما كتابه الشهير المدينة الفاضلة والمدينة الجاهلة والمدينة الفاسقة والمدينة الضالة فقد وضع فيه الأسس العامة لمدينته الفاضلة, وفي رأيه ان المدن البشرية نوعان مدن فاضلة وأخري غير فاضلة. وأن غاية المدن الفاضلة تحقيق السعادة كفاية قصوي يشتاقها الانسان وهي لا تكون الا بممارسة الاعمال المحمودة عن إرادة وفهم متصلين, حيث يري ان الفضيلة وسط بين الافراط والتفريط وان العمل الصالح هو العمل الوسط كالشجاعة التي تتوسط بين التهور والجبن, والكرم وهو وسط بين البخل والتفريط. أما المدن غير الفاضلة فهي مدن جاهلة, لا يعرف اهلها السعادة فغايتهم هي سلامة ابدانهم والحصول علي الثروة وعلي لذات الحواس, وأسوأ هذه المدن حالا هي المدن الضالة التي يدعي رئيسها انه موحي إليه, فلا يعمل بالشوري, ولا يجمع حوله سوي بطانة السوء فيصرف أهل مدنه عن العقائد الصحيحة في الدنيا والاخرة أخلاقا واعمالا وعن السعي الي مسرات العقل والروح.
مكث الفارابي في بغداد عشرين سنة ولما آن له ان يفارقها وهو في السبعين من عمره اختار آن يرحل الي حلب حيث عاش بها عشر سنوات ثم تاقت نفسه لرؤية مصر وكانت في حكم الاخشيديين فأقام بها لفترة ثم عاد الي دمشق وحلب, حيث لقي وجه ربه عام339 هجرية.
منقول