لوفاء كلمة رقيقة تحمل جملة من المعاني الجميلة..
الوفاء يعني الإخلاص..
الوفاء يعني الودّ وحفظ العهد..
الوفاء بين الزوجين من دعائم استقرار البيوت وسعادتها في زمن يعتبر الوفاء عملة نادرة..
الوفاء يجعل كلاًّ من الزوجين يحمل في قلبه حبّاً وودّاً ورحمة..
وقد ذكر الوفاء في القرآن في عدّة مواضع، قال – تعالى-:}َ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ { (المائدة/1)
ويتحقّق الوفاء في حياة الزوجين وحتّى بعد ممات أحدهما، وهناك مفهوم شائع بين الناس بأنّ الزوجة إذا توفيت ولم يتزوّج زوجها بعدها فإنّ هذا من الوفاء، والعكس، وهذا غير صحيح، ولا أصل له في الدين..
فقد تزوّج الرسول - صلّى الله عليه وسلّم- بعد وفاة خديجة -رضي الله عنها- وزوج الرسول - صلّى الله عليه وسلّم- ابنته الثانية أمّ كلثوم لعثمان - رضي الله عنه- بعد وفاة ابنته الأولى رقية -رضي الله عنها-..
وتزوّج علي بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة - رضي الله عنها- بسبع ليالٍ..
ولا يتحقّق الوفاء بين الزوجين إلاّ إذا كانت هذه العلاقة منذ البداية سليمة وراسخة...
ويتحقّق الوفاء عادة بثلاث عناصر وهي: * الحب. *والإنسانية
*والإيمان الذي يجعل الحياة الزوجية مليئة بالحبّ و السعادة..
ومن علامات وفاء الزوجة لزوجها :
التضحية والصبر..
عدم إفشاء سرّه..
الذكرى الحسنة بعد فراق أحد الزوجين للآخر..
حفظ ممتلكاته في حال غيابه..
حسن تربية الأبناء..
فهاهي فاطمة زوجة الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز وهي بنت الخليفة وزوجة الخليفة وأخت لأربعة خلفاء..خرجت من بيت أبيها إلى بيت زوجها يوم الزفاف وهي مثقلة بأثمن ماتملكه امرأة على وجه الأرض من الحليّ والمجوهرات، ولكن كان أوّل قرار اتخذه زوجها أن يدخل في بيت مال المسلمين كلّ هذه المجوهرات والحليّ..
ولمّا توفي عمر بن عبد العزيز ولم يترك لزوجته وأولاده شيئاً جاءها أمين بيت مال المسلمين، وقال لها:" إن مجوهراتك ياسيّدتي لاتزال كما هي، وإنّي اعتبرها أمانة لكِ، وحفظتها لذلك اليوم، وقد جئت استأذنك في إحضارها.."
فأجابته بأنّها وهبتها لبيت مال المسلمين طاعة لأمير المؤمنين ثم قالت:"وما كنت لأطيعه حيّاً وأعصيه ميتاً".
فهذا الموقف يستدلّ من خلاله على وفاء زوجة لزوجها في وقت كانت فيه بحاجة إلى مال لتعيش حياتها بعد وفاة زوجها..
وهناك من الأزواج من جعل وفاءه للآخر مرتبطاً بأمور دنيويّة، فالزوجة مثلاً تكون وفيّة لزوجها في حال صحّته وشبابه وكثرة ماله، فإذا شاب شعره، وكبر سنّه، ورقّ عظمه، انقلبت عليه، وتطاولت عليه، وآذته، وقد يصل الحال ببعضهنّ أن تسلّط عليه أبناءه، وتحرّضهم على عدم الوفاء له، والبرّ به، فاسألوا هذا الصنف من النساء أين الوفاء للرابطة الزوجيّة؟!
أين هنّ من قول الهادي البشير: " لو كنت آمرا أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"
وفي المقابل، هناك من الرجال من قلّ وفاؤهم لنسائهم، فهو وفيّ لها مادامت تقوم على خدمته وخدمة بيته وأولاده، فإذا ابتليت بداء أو مرض أو حتّى أغضبته في أمر بسيط تنكّر لها وعاقبها..
ومن علامات الوفاء بين الأزواج :ـ
ما رسمه سيّد الأوفياء -عليه الصلاة والسلام- ليسير على دربه المؤمنون..
عن عائشة -رضي الله عنها-: " أنّ النبي - صلّى الله عليه وسلّم- كان إذا ذبح شاة قال أرسلوا منها إلى أصدقاء خديجة فذكرت له يوماً فقال إنّي لأحبّ حبيبها"
لقد كان النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم- وفيّاً لها في حياتها، ووفيّاً لها بعد الممات؛ فهو لم ينس بذلها السخيّ، وعقلها الراجح، وتضحياتها المتعدّدة حتّى أنّه لم يتزوّج عليها في حياتها، وكان يذكرها بالخير بعد وفاتها، ويصل أقاربها، ويحسن إلى صديقاتها..
فمن ابتغى الأخلاق العليا فليجعل من بيت النبوّة عبرة وأسوة حسنة له..
ولكنّ قائمة صور الوفاء الزوجيّ والتحدّث عنها يطول، ولكنّي أختم مقالي بعلامات الوفاء الزوجيّ وهي:ـــ
* دفع ما يوجّه للزوجة من نقد، وهذا الدفاع يعظم قدره في غيبتها، ومن أمثلة ذلك دفاع الرسول - صلّى الله عليه وسلّم- عن زوجته صفيّة - رضي الله عنها-..
*عدم تطليق الزوجة لأيّ سبب غير معقول "ككبر سنّهاــ مرضهاــ فقرها"
*امتداد الحبّ حتّى بعد الممات..
* إكرام صديقات الزوجة..
* الثناء على الزوجة والدعاء لها..
* إنفاذ وصيّتها بعد مماتها..
إذن الوفاء بين الزوجين هو سرّ نجاح الحياة الزوجيّة..