العبادة المهجورة ؟؟!!!
إن من العبادات التي هجرها الكثيرون في هذا الزمان عبادة التفكر في
آيات الله تعالى الكونية التي دعا إليها القرآن الكريم والسنة النبوية والسلف
الصالح. وهذا الهجر سبب خللا في الوعي الإسلامي ، إذ أصبحنا نهتم
بأمور هي دون عبادة التفكر في الاعتبار الشرعي والفائدة المرجوة
والسؤال الذي نطرحه هل التفكر عبادة ؟؟؟؟؟؟؟
والجواب ..بلا شك نعم وتعليل ذلك من وجوه ..
أولا .. لأن الله تعالى مدح المتفكرين في كتابه الكريم بقوله :
{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ
الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }
وختم الله تعالى ثلاث عشرة آية من كتابه بلفظ {تتفكرون}أو{يتفكرون}
مما يصور أهمية الأمر.
ثانيا .. أن الله تعالى ذم معطلي العقول والفكر في آيات عدة من كتابه العزيز
فقال سبحانه :
{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا
يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}
وقوله { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا }
ثالثا .. أن النبي كان يتفكر في آيات الله عز وجل فيقلب وجهه في السماء وكان
يأمر أصحابه بالتفكر ويقول لهم تفكروا في آلاء الله .
وكان أصحابه رضي الله عنهم كذلك , قيل لأم الدرداء ما كان أفضل عمل
أبي الدرداء قالت : التفكر.
وقال ابن القيم رحمه الله :قال بعض السلف : " تفكر ساعة خير من عبادة
ستين سنة ".
وقال الحسن " إن من أفضل العمل الورع والتفكر "
فوائد التفكر
1ـ تجديد الإيمان وزيادته . قال ابن القيم رحمه الله : " التفكر يكشف
حقائق الأمور ويميز مراتبها في الخير والشر ومعرفة المفضول من
الفاضل من أعمال التفكر يزيد الإيمان أكثر مما يزيد العمل "
2ـ التفكر من أعمال القلب , وأعمال القلب أفضل من أعمال الجوارح
باتفاق العلماء .
3ـ يبعث على التواضع أمام عظمة الله تعالى وحسن الظن به سبحانه.
4ـ يفتح آفاق العلم والإيمان ما لم يكن معلوما قبل ذلك .
ضوابط التفكر
ينبغي ألا يصل التفكر إلى حد الخروج عما لا ينبني تحته علم أو تصور
أمور لا يمكن تصورها لأنها لا تخضع لقياسنا كالآخرة وما فيها والملأ
الأعلى وما يخصه فإن ذلك قد يؤدي إلى الوسوسة والشك وهذا ما حذر
النبي (صلى الله عليه وسلم ) في قوله " تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا
في الله "
ختاما
إن لكل غاية وسائل إذا تعاطاها الإنسان وصل إلى تلك الغاية التي يريدها
ومن جملة ذرائع التفكر ما يأتي :
1ـ الممارسة والتعود ولا ينبغي أن يكون كر الأيام وتتابع الأحداث المتشابهة
عائقا لنا عن التفكر فإن في خلق الله عز وجل من العجائب ما لو وقف عليه
المرء لأدرك عظمة خالقه واكتشف قدرته إلا أنه يحتاج إلى فكر ثاقب واجتهاد
وخشية الله تعالى
2ـ التخلص من الذنوب والإقلال منها بقدر المستطاع , فإن المعصية
تحجب الفكرة.
3ـ الاجتهاد في الطاعة واستحضار الخشوع والبكاء من خشية الله تعالى.
4ـ ترك ما لا ينبغي من الأقوال والأحوال والأعمال
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين