أخذت تنظر في المرآة لذلك الوجه الحزين وتلك العينان الناعستان، وذلك الشعر الأسود المنسدل على كتفيها، ارتفعت يدها لتداعب خصلة من شعرها سقطت فوق حاجبها، تنفست بعمق !
إنها الساعة الثانية بعد منتصف الليل، ومع ذلك لم تفقد الأمل، تذكرت وعده لها بأنه لن يتأخر..
قالت لنفسها: أشعر في هذه المرة أنه صادق في وعده – لقد أعطاني ميثاقاً- لعل شيئاً ما حدث فشغله ؟
أخذت الدقائق تمر بتثاقل – شعرت بثقل تلك الدقائق، وأصبحت نبضات قلبها تحاكي تلك الدقائق.
ياإلهي إنها الساعة الثالثة، لعله الآن يأتي، كانت تتخيل أنه يدخل عليها ومعه وردة حمراء وهو يقول بكل أسى وحزن، أعذريني – سامحيني، لم يكن بيدي لقد كنت في شوق عظيم للقائك ولكن كان هناك ظرف مهم أخرني بعض الشيء.
قالت وهي تنظر لنفسها في المرآة إن عاد الآن فسأسامحه، المهم أن يعود ؟
وتمر الثواني وتتبعها الدقائق في منظر رتيب، في سكون الليل الذي يشوبه الملل والكآبة !
لطفك يارباه إنها الساعة الرابعة صباحاً ولم يعد بعد !!!لماذا تأخر ؟؟لماذا لم يفي بالوعد ؟؟؟ أم أن وعوده لي ليس من الضرورة أن يفي بها ؟؟؟
رأته في المرآة وهو يقف وراءها، وتلك الابتسامة التي يكسوها شيء من الإحراج لتأخره – أراد أن يبدد علامات الخجل والإحراج التي اكتسى بها وجهه، فقال لها ممازحاً إياها – لقد تأخرت الشمس بالبزوغ وحق لها أن تتأخر، فكيف تبزغ وذلك القمر ينير هذا الكون، وها قد جاءتكم الشمس لتستأذنكم في الإشراق على أرضكم ؟؟؟
أدارت ظهرها بسرعة متناهية لتقول له ؟؟؟
ولكن للأسف كانت تحدث نفسها، فهو لم يأتي بعد !!!
وكانت تلك كلماتها تبثها لروحها لتنسيها مرارة الانتظار – لطالما كانت حياتها معه انتظار ؟؟؟
تناهى إلى مسامعها صوت الأذان يشق ذلك السكون الكئيب، وينذر بمولد يوم جديد.
نظرت إلى المرآة لملمت خصلات شعرها ورمتها وراء ظهرها – وغسلت جمال عينيها بدمعة كانت هي الأخيرة، وكأنها لم تكن تلك المرأة الجميلة التي كانت تقف قبل دقائق أمام تلك المرآة !!!
لقد كفنت تلك المشاعر بكفن من الحرمان !وأودعتها قبر النسيان !
أردت أن أوصل صوت امرأة لمسامعكم وهذه المعاناة التي تعانيها الكثير والكثير من النساء، في ظل انشغال الزوج عنها..
فهي بشر ولكنه حساس، يريد منك أيها الرجل أن تحنو عليه، أن تنظر ولكن تنظر لما يحويه قلب هذه المرأة من مشاعر صادقة تجاهك، فلا تكن أيها الزوج سبباً في وأد تلك المشاعر، فإنها إن ماتت فلن تعود.