أيتها الفاضلة: منزل الزوجية هو المحطة التي يستريح فيها الزوج من عناء يومه، وهو المدرسة التي يتعلم فيها الأبناء دروس الحياة والآداب العامة والأحكام الشرعية، وهو اللبنة التي يقوم بها المجتمع المسلم، فمتى كانت هذه اللبنة قوية كان البناء قوياً لا يتصدع بكثرة الزلازل، ولا ينشرخ بشدة الرياح وغزارة الأمطار..
وإنما تستمد هذه اللبنة قوتها من المادة الأساسية التي قامت عليها ابتداء وهي: أنتِ أيتها المسلمة؛ فأنتِ الزوجة، الأم، المعلمة، فهلاّ نظرتِ وتمعنتِ قليلاً كيف أرادك الله تعالى ورسوله أن تكوني في بيتك مع زوجك، ومع أبنائك؟
إن أول ما أمر الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- به المرأة في بيتها أن تقوم على رعاية زوجها وأبنائها بالمعروف، وأن تقوم على خدمتهم وتوفير ما يحتاجون إليه من الهدوء والراحة والتربية الحسنة، وما إلى ذلك من تعاهد المنزل بالإعداد والنظافة والتهيئة؛ فإن هذه الخدمة لها أثر كبير في نفس الزوج والأولاد، وهي تقابل بخدمتها ما يلاقيه الرجل من توفير احتياجات المنزل والأسرة، وقد ذكر الله تعالى (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ). [سورة النساء: من الآية 34]، وقد استدل بهذه الآية الكريمة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله-على وجوب طاعة المرأة زوجها مطلقاً، ويدخل ذلك في عمومه الخدمة له ولأبنائه، والقيام على تربية الأبناء، ثم أنتِ كذلك مأمورة أختي في الله بتعاهد الأبناء بالتربية الإسلامية الصحيحة، وبالتنشئة المستقيمة على أصول شرعية، وأن تتعاهدي بناتك بالرعاية، وتكوني لهن القدوة الصالحة في أعمالك، ولا تخالفي قولك بفعلك.
كذلك الاجتهاد في تعليم الأبناء أحكام هذا الدين بالحكمة والموعظة الحسنة، وحثهم على فعل الخيرات وأن تكوني حنوناً عليهم رحيمة بهم؛ فالأم لا تضرب إلاّ على شيء كبر جرمه، لئلاّ تسقط هيبة الضرب في نفوس الأبناء، ثم إن الأم مطالبة أيضاً إذا ما رأت على زوجها ما يشكل عليها من سلوكه مما يُرى في ظاهره مخالفة الكتاب والسنة، أن تبادره بالاستفسار عن ذلك، سؤال الرحيمة به، الخائفة عليه من مخالفة الشرع، لا سؤال المتعنتة أو الشامتة فيه أو المعيّرة.
ثم يجب عليها أن تنفق من ماله على بيتها ونفسها وأولادها بالمعروف، وألاّ تتخطّى ذلك إلى التبذير والإسراف.. فقد قال تعالى:(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ). [سورة الأعراف: من الآية 31]، وعليها أن تطيعه في غير معصية الله، وتحفظه في سره وبيته وماله، ولقد جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضا الزوج عن زوجته من أسباب دخول الجنة، فروى الترمذي من حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة".
فإذا فعلت المرأة المسلمة ذلك فإنها تكون قد أدّت ما عليها، وما أراده لها الله -عز وجل-، ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- تجاه بيتها وأسرتها إن شاء الله.