للشيخ عبد المجيد الزنداني
في كتابيه ( الإيمان ، توحيد الخالق )
قال تعالى: ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول ) سورة الجن 26- 27
و إخبَارُ محمد صلى الله عليه وسلم بغيب علامات الساعة، التي لم تظهر أمارتها إلا في زماننا، يشهد له بصدق الرسالة، كما يشهد بأن الساعة حقٌّ، و أنها قد أصبحت قريبة.
ومن علامات الصغرى التي ظهرت ما يلي:
أمور عظيمة لم تظهر على بال أحد من قبل:
هذه العجائب ، و أمور العظام ، التي حدثت في المخترعات، و في عالم السياسة والأنظمة، والعلوم، وهذه الأحداث العالمية، التي ما كانت تخطر على بال أحد، سواء في أحوال المسلمين ، أو الكافرين ، يصدق عليها وصف : الأمور العظيمة، التي لم تخطر على بال أحد من السابقين ، وقد أخبرنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( لا تقوم الساعة حتى تروا أموراً عظاماً لم تكونوا تَرَونها و لا تُحدّثون بها و أنفسكم ) رواه أحمد
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سترون قبل أن تقوم الساعة أشياء ستنكرونها عظاماً تقولون : هل كنا حُدّثنا فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله تعالى واعلموا أنها أوائل الساعة ) رواه البزار و الطبراني من حديث سمرة
الحفاة العُراة رعاة الغنم و تطاولهم في البناء:
إن الحافي الذي لا يملك حذاء، العاري الذي لا يجد ثوباً يستر كل جسمه، العالة في طعامه على غيره، الذي لا يجيد من العمل غير رعي الغنم ، إن الذي يتصف بكلّ هذا لا يتصور أحد من الناس من قبل، أنه سيتمكن من بناء أي بيت ، فضلاً على أن يجعل ذلك البيت من البيوت الطويلة ، و يطاول غيره في البناء ، و فضلاً عن أن يكون ذلك ظاهرة لا تحدث لشخص واحد، بل تحدث لجماعات كثيرة من رعاة الغنم الحفاة، العراة ، العالة . فهذا أمر ما كان يخطر ببال أحد . لكن الأمر وقع ، فبعد أن فتح الله على المسلمين وغيرهم من ثروات الأرض، وخاصة البترول ، رأينا رعاة الغنم الحفاة ، العراة ، العالة ، يتطاولون في البنيان، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيّن أن هذه من علامات الساعة فقال: ( إذا رأيت الحُفاة العراة العالة رعاء الشّاء يتطاولون في البنيان فانتظر الساعة ) رواه البخاري ومسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من أعلام الساعة و أشراطها أن يعمر خراب الدنيا ويخّب عمرانها ) رواه الطبراني .
ظهور الكاسيات العاريات المائلات المميلات ، رؤوسهن كأسنمة الجمال :
كان هناك بعض الصعوبة في فهم حالة النساء اللائي وصفهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهنّ سيخرُجن في آخر هذه الأمة، وأنهنّ كاسيات عاريات. وقد يحتار الإنسان ، كيف تكون المرأة كاسية ، و عارية في آنٍ واحد حتى رأينا ذلك في زمننا، فللمرأة كساء ، ولكنه ضيق أو شفاف يصف الجسم ، ويظهره ( أولها الملابس الكثيرة ، و لكنها تفصّلها قصيرة) أو تكون لابسة كاسية في بعض الأماكن، متعرية في أماكن أخرى . و هن أيضاً مائلات مميلات ، وقد اكتمل الميل عن طريق المستقيم، والتمايل بالأجساد ، حتى وضعوا لهن في أحذيتهن كعوباً عالية ، لاستكمال الميل في الأجسام ، و هنّ بهذا الميل مميلات لكثير من الشباب مضلات لهم بفتنتهن المعروضة...
و رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة : أي كأسنمة الجمال المائلة . وهذا ما نشاهده في زماننا ، مصدقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كشف الله له هذا الغيب ، قبل ألف و أربعمائة عام ، فقال عليه و على آله الصلاة والسلام : ( صِنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس – الذين يعتدون ظلماً على الناس فيضربونهم بالسياط – و نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلون الجنة ، و لا يجدون ريحها ) رواه أحمد ومسلم.
حديث السباع ونطق الجماد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تُكلم السباع الإنسان و حتى تُكلم الرجل عذبة سوطه ، وشراك نعله وتخبره بما أحدث أهله من بعده ) رواه أحمد في مسنده و الترمذي
قال عليه الصلاة و السلام : ( إنها أمارات من أمارات بين يدي الساعة أوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى يحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله من بعده) رواه أحمد في المسند عن أبي هريرة
أما حديث السباع فإن حيوانات السيرك تأتي بالغرائب ، والكلاب ( البوليسية ) تدل الشرطة على المعلومات ، فقد تكون هذه طرفاً من تفسير الحديث ، والمستقبل متسع لما هو أكبر من هذا و الله أعلم.
أما حديث السوط و النعلين عما أحدث الأهل في البيت ففيه أنباء بنطق الجماد و قد نطق، و فيه إنباء بأجهزة الاستقبال التي تمكن صاحب البيت من الاطلاع على المعلومات من داخل بيته بواسطة مرسلات معينة تستقبلها أجهزة استقبال ( و ما بقي إلا أن تشكل في شكل سوط ، ليسهل حملها، أو تصنع في الحذاء فلا ترى ) و يمكن تركيبها في طرف العصا أو في مكان ما في الحذاء بحيث لا ترى.
قبض العلم ، و كثرة الزلازل ، و تقارب الزمان ، و ظهور الفتن، و إطالة البناء:
قبض العلم هو الموت العلماء و عدم وجود من يخلفهم و المقصود بهم علماء الإسلام ، و قد دل الحديث على ذلك. وكثرة الزلازل هو ما نشاهده ، ونسمعه في هذه الأيام من الزلازل المدمرة.
و تقارب الزمان ، أي أن الأيام تمرّ ، و كأنها ساعات قليلة و سبب ذلك كثرة الأحداث التي تجعل الإحساس بالزمن يقِل ( والله أعلم ) فإذا كنت مشغولا في عمل مرت الساعة و كأنها لحظات، أما إذا كنت فارغاً فتحس بطول الزمان. وزمانا هذا أيامه مملوءة بالأعمال ، مما يجعلها تمر بسرعة. و ظهور الفتن، أي كثرة الفتن ، التي تفتن الإنسان عن دينه ، و الإعلان بها.
و أما إطالة البناء فما عليك إلا أن تقارن بيت المنازل قبل خمسين عاماً و المنازل في أيامنا هذه و كيف استطالت . و هذا كلّه قد أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ( لا تقوم الساعة حتى يُقبض العلم، و تكثر الزلازل ، و يتقارب الزمان، و تظهر الفتن ، و حتى يتطاول الناس في البنيان ) رواه البخاري
نهضة علمية مع جهل الدين:
قال عليه الصلاة و السلام : ( من اقتراب الساعة كثرة القراء ، و قلة الفقهاء و كثرة الأمراء و قلة الأمناء) رواه الطبراني عن عبد الرحمن الأنصاري
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من أشراط الساعة أن يظهر القلم ) رواه أحمد و البراز و الطبراني و غيرهم عن ابن مسعود
و قال عليه الصلاة و السلام: ( سيأتي على أمتي زمان يكثر فيه القراء و يقل فيه الفقهاء ، ويقبض العلم و يكثر الهرج)
و قبض العلم الديني يكون بموت العلماء، و عدم وجود من يخلفهم كما صرحت بذلك الأحاديث ، والهرج : القتل و الكذب.
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أشراط الساعة أن يتدافع أهل المسجد لا يجدون إماماً يصلي بهم)
و قال عليه الصلاة و السلام : ( يكون في آخر الزمان عباد جهال و قراء فسقة ) رواه أبو نعيم في الحلية و الحاكم عن أنس.
تسليم الخاصة و فُشُوُّ التجارة و قطع الأرحام وكثرة القراء و شهادة الزور :
تسليم الخاصة: هو أن يخص الإنسان بالسلام من يريد. و فشو التجارة انتشارها .
و فشو القلم أي كثرة استخدام القلم، و هو دليل على كثرة القراءة الكتابة .
و هذا كله جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة و فشو التجارة حتى تُعِينَ المرأة زوجها على التجارة، و قطع الأرحام، و فشو القلم ، و ظهور الشهادة بالزور ، و كتمان شهادة الحق) رواه البخاري
-كثرة الزنا وشرب الخمر:
قال عليه الصلاة و السلام : ( إن من أشراط الساعة أن يرفع العِلْمُ، و يكثر الجهل ، و يكثر الزنا ، و يكثر شرب الخمر ) رواه البخاري و مسلم
و كثرة الجهل: أي الجهل في الدين.
انتشار التعامل بالربا:
قال عليه الصلاة و السلام : ( ليأتينّ على الناس زمان لا يبقى منهم أحد إلا أكل الربا ، فمن لم يأكله أصابه من غباره ) رواه أبو داوود و ابن ماجه
و قد انتشر التعامل بالربا في زمانا عن طريق البنوك و غيرها و إن كان ظهور بنوكاً إسلاميّة لا تتعامل بالربا، نسأل الله أن يكثر من هذه البنوك الإسلامية.
- التحية بالتلاعن ، و تشبه الرجال بالنساء ، و النساء بالرجال:
يأمر الإسلام بالتحية الحسنة ، و الردّ الأحسن ، و هكذا كان المسلمون ، حتى ظهر في زماننا من يحيّي غيره باللعن ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال الأمة على شريعة حسنة ما لم تظهر فيهم ثلاث : ما لم يقبض منهم العلم ، و يكثر فيهم ولد الخُبث ، و يظهر فيهم السّقّارون ) قالوا : و ما السّقّارون ؟
قال : ( نشءٌ يكونون في آخر الزمان تكون تحيّتهم بينهم إذا تلاقوا التّلاعن )
و ما كان أحد يتصور أن الرجل سيتشبه بالمرأة ، و العكس ، حتى فاجأنا الزمان بهذه المصيبة ، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا عن هذا و كشف الله له ما سيقع ، فقال رسول اله صلى الله عليه وسلم: ( من علامات اقتراب الساعة تشبُّهُ الرجال بالنساء ، و النساء بالرجال ) رواه أبو نعيم في الحلية و غيره
في المواصلات:
أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن زمناً سيأتي لا تستخدم فيه الإبل للتنقل و حمل الأمتعة ، و معلوم أن عدم استخدام الجمال مع وجودها إنما يكون بسبب وجود وسيلة أحسن ، و ليس هناك من الحيوانات ما هو أقدر من الجمال على السفر في الصحراء. و لقد رأينا في هذا الزمان تعطل الجمال عن حمل الأمتعة و هذه الظاهرة هي في ازدياد كل يوم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( و لتتركن القلاص فلا يسعى عليها ) رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة
قال عليه الصلاة و السلام : ( يكون في آخر الزمان رجال يركبون على المياثر حتى يأتون أبواب المساجد ) رواه أحمد و الحاكم عن ابن عمر
و المياثر : كما فسرها عمر بن الخطاب هي السروج العظام، و قال عليه الصلاة و السلام : ( سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرحال ينزلون على أبواب المساجد) رواه أحمد في مسنده و الحاكم في صحيحه عن ابن عمر
فما هي السروج العظام التي ليست رحالاً و إنما كأشباه الرحال ؟
و التي يركب علها الناس إلى أبواب المساجد ، لم يعرف عن المسلمين أنهم شدوا البغال و الجمال أو الخيول و وضعوا علها السروج العظيمة ، ليذهبوا بها إلى المساجد. فلا شك أن هذه الوسيلة للمواصلات غير هذه ، و الحديث يصف أن الركوب على السروج لا على الخيول أو الجمال أو غيرها من الحيوان. إنا نجد الوصف ينطبق اليوم على السيارات ذات المقاعد التي تشبه السروج العظيمة و التي يركب الناس عليها إلى أبواب المساجد .
و لقد سئل الرسول الله صلى الله عليه وسلم عن سرعة سير الدجال في الأرض ؟
قلنا : يا رسول الله و ما إسراعة في الأرض ؟
( كالغيث استدبره الريح ) أي كسرعة سير السحب ، ( الحديث رواه مسلم في صحيحه و غيره من حديث النواس بن سمعان )
و طائفة على الحق ظاهرين :
و مهما كثر الفساد ، فقد شاءت حكمة الله سبحانه ، أن تبقي طائفة على الحق ظاهرة ، تُقيم الحُجة على الناس بالدعوة إلى دين الله ، و تتمسك بكتاب الله ، و سُنة رسوله صلى الله عليه وسلم
و روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من يخذلهم حتى يأتي أمر الله ) رواه مسلم و الترمذي و أبو داوود عن ثوبان
و روي عن رسول اله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر شهيد ) رواه الطبراني في ألوسط عن أبي هريرة ، و هذا عند بدء الفساد
و روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد ) رواه البيهقي عن ابن عباس ، و ذلك عندما يشتد الفساد.
ى الصفحة