من الأمور الضرورية لنمو الطفل النفسي بشكل صحيح شعوره بقيمته الذاتية، وتقديره من قبل الأشخاص الذين يعيش معهم أو حولهم. ومن أبرز الأمور التي تساهم في تحقيق هذا الجانب للأطفال شعورهم بأنهم محبوبون من الأشخاص المهمين في حياتهم، ويأتي الوالدان بشكل خاص على رأس هذه القائمة.
ربما يقول قائل: "وهل هناك والد لا يحبّ أبناءه"؟!
صحيح أنه لا يوجد إنسان طبيعي إلاّ ويحب أطفاله، ولكن الحب في ذاته ليس مجرد شعور قلبي، بل لابد أن تلمس آثاره في التعامل مع المحبوب، لاسيما الأطفال الذين تنقصهم الخبرة في قراءة المشاعر بالطريقة التي يعبّر بها الكبار عن حبّهم لهم.
يحتاج الطفل إلى مشاعر واضحة يستطيع فهمها بلا غموض ولا مواراة. كما يحتاج إلى أن يشعر بأنه محبوب كما هو، ولذلك لا تفرض شروطاً معينة على طفلك حتى تحبّه، كما يفعل بعض الآباء عندما يقول لابنه: "رتبْ غرفتك وإلاّ لن أحبّك"! إن أسلوباً مثل هذا جدير بأن يجعل الطفل يشعر بأنه غير محبوب إلاّ بشروط، وأنّ مَن حوله لا يقدّرونه لذاته، بل بقدر ما يلبي رغباتهم.
عندما يظهر من طفلك سلوك سلبي فلا تجعل الحبّ بينك وبينه أول ما يتعرض للتهديد. فبالإضافة إلى أن الطفل قد يشعر بأن محبة والديه له ليست أمراً مضموناً، فإنها ربما تكون محل مساومة في بعض الأحيان. لابد أن يشعر الطفل أن والديه يحبّانه بشكل أكيد ومستمر مهما كانت الظروف. وإن كان هناك رغبة في التعبير عن الاستياء من سلوك معين فيجب أن يكون التعبير واضحاً بأن الوالد يحب ولده، ولكنه لا يحب تصرفاته السيئة. وأنه بدافع حبه له يكره ذلك السلوك، ولا يرغب أن يرى ذلك السلوك منه مرة أخرى.
ومن الأمور التي تساعد على تنمية شعور الطفل بقيمته ومحبة الآخرين له ألاّ يظهروا له أنهم يتوقعون منه الكمال، أو ألاّ يصدر منه أخطاء. بل لابد أن يشعر بأن ما يقع منه من أخطاء من حين لآخر أمر لا يعني أنه طفل سيّئ، أو أنه سيفقد حب الآخرين له. بل إن الخطأ مكروه والطفل محبوب. وكون الطفل يخطئ ليس معناه أن يفقد الشعور بالأمان العاطفي، بل إن الأمر ببساطة يتطلب منه محاولة التخلص من السلوك السيّئ، والتعاون مع والديه لتعديل سلوكه نحو الأفضل.