الثقة بالله تعالى.
الثقة بالله تعالى هي حصيلة حبُّ الله والإخلاص له وفهم صفاته وأسمائه الحسنى، وهذا هو المنهج الصحيح لفهم العقيدة وحقيقة التوحيد والعبودية لله - تعالى- وليس الخوض في علوم فلسفية جدلية، كما يسعى إبليس وأعوانه من الإنس والجن في صرف الناس عن هذا العلم واستبداله بمفاهيم جافة لا تزيد القلوب إلا قسوة وبعداً عن الله تعالى.
وفهم أسماء وصفات الله تعالى له ركائز، أولها: الدراسة في مناهج اعتمدت كتاب الله تعالى وسنة حبيبه - صلوات الله عليه- وثانيها: ملازمة ذكر الله تعالى والتفكر في خلقه، وثالثهما: هو حبُّ الله والإخلاص له وإقامة فرائضه وسنن حبيبه محمد، صلوات الله عليه.
وخير ما قرأت في علم أسماء الله الحسنى موسوعة أسماء الله الحسنى للدكتور محمد راتب النابلسي.
فلا يثق بالله من لا يعرف الله، ولا البعيد عن ذكره، ولا العاصي له، ولا الغافل عن الفرائض، ولا المُقصر في أداء السنن.
الثقة بالله –تعالى - درجات يصعدها المجاهدون لله بالذكر والعبادة والسهر في طاعات الله - تعالى- الدارسون معاني صفات الله وأسمائه.
الثقة بالله تعالى ليست كلمات يتفوه بها المقصرون والعصاة، هؤلاء كذبوا على أنفسهم، هؤلاء نسوا الله فأنساهم أنفسهم،
هؤلاء أذلوا أنفسهم وأهانوها بالمعاصي، فأهانهم الله وأخرجهم من النور إلى الظلمات، وحرمهم الله نعمة الأمان، فهم في خوف من المستقبل وأحداثه، هم لم يتعلموا حب الله فحرموا حقيقة التوكل عليه، ولم يتعلموا الإخلاص لله تعالى، فلم يوفوا بعهودهم، فحرمهم الله نعمة الثقة به.
والثقة بالله – تعالى - هي مفتاح كل خير، ذلك أن الخير كله بيد الله وحده لا شريك له، والله عند حسن ظن العبد به، فعن الأسقع قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( قال الله تبارك وتعالى: أنا ثم ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء)، وعن رسول الله- صلى الله عليه وسلم: ( يقول الله جلا وعلا أنا ثم ظن عبدي بي، إن ظن بي خير له، وإن ظن بي شر فله).
الثقة بالله – تعالى - هي حصن المؤمنين من الشيطان وعدة المجاهدين، قال تعالى : { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَآءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} البقرة 268، فمن لا يثق بالله تتخطفه وساوس الشيطان من الفقر فيسقط في كل رذيلة، ويُلبس الشيطان عليه الحق بالباطل فيستحل الحرام وينقض عرى الإسلام عروة عروة،
من يثق بالله تعالى يثق بمغفرته ويثق بفضله وسعته، ويعلم أن الله قادر على كل شيء، وأنه سبحانه يخلق من العدم، وأنه يُحي الأرض بعد موتها، ويُحي العظام وهي رميم.
الثقة بالله – تعالى - هي مفتاح نهر طاقة القرآن الكريم، ذلك أن القرآن ينتج طاقة، وحتى لو قرأه مشرك أو من لا يؤمن به، وهذا ثابت من خلال تسجيل الأجهزة العلمية لذلك، لكن القراءة مع الثقة بأن كلام الله له سلطان على الكون بذراته ومدراته، هذه الثقة تجعل الفرق بمستويات إنتاج الطاقة كالفرق بين جهاز إرسال ضعيف وأخر قوي، وهذا ما نسميه ببركة الصالحين، فالصالحين لهم طاقة شفائية متفوقة عن غيرهم، هي ناتج ثقتهم بالله، هذه الثقة المبنية على الأصول السابق شرحها.
الثقة بالله هي ركيزة التوكل على الله - تعالى - فلا يستطيع أن يتوكل على الله من لا يثق بالله تعالى.
وكل الذين لا يثقون بالله تعالى ملبوسين بالشياطين، لأنهم حُرموا نعمة التوكل على الله تعالى، ذلك أن الحصن من لبس الشيطان هو الإيمان بالله تعالى والتوكل عليه بنص الآية الكريمة: { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) النحل}.
من غير الثقة بالله تعالى يعجز المجاهدون عن مواجهة أعداء الله تعالى الذين يفوقوهم عدد وعدة، ومن غير الثقة برحمة الله تعالى يقنط المذنبون، ومن غير الثقة بأن الصبر من الله تعالى نعجز فلا نصبر على البلاء، ومن غير الثقة بأن القوة من الله وحده لا شريك له يمدها من يشاء ويقبضها عمن يشاء، ننهار في مواجهة مُعضلات الحياة، ومن غير الثقة بأن الله كبير وما من كبير إلا لأن الله كبّره ولو شاء لمحقه وجعله عدم، لا نواجه الجبارين والظالمين.
تحياتي
غلا الشـــــــــوق .....