بدع في صلاة التطوع
اعلم أن العمل لا يقبله الله تبارك وتعالى إلا إذا توفر فيه شرطان اثنان:
الأول: أن يكون خالصاً لوجهه عز وجل.
و الآخر: أن يكون صالحاً، ولا يكون صالحاً إلا إذا كان موافقاً للسنة غير مخالف لها.
ومن المقرر عند ذوي التحقيق من أهل العلم أن كل عبادة مزعومة؛ لم يشرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله، ولم يتقرب هو بها إلى الله بفعله؛ فهي مخالفة لسنته؛ لأن السنة على قسمين: سنة فعلية وسنة تركية؛ فما تركه صلى الله عليه وسلم من تلك العبادات؛ فمن السنة تركها.
ألا ترى مثلاً أن الأذان للعيدين ولدفن الميت مع كونه ذكراً وتعظيماً لله عزوجل لم يجز التقرب به إلى الله عز وجل، وما ذلك إلا لكونه سنة تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد فهم هذا المعنى أصحابه صلى الله عليه وسلم، فكثر عنهم التحذير من البدع تحذيراً عاماً كما هو مذكور في موضعه، حتى قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: "عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تعبدوها"، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: " اتبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق".
فهنيئاً لمن وفقه الله للإخلاص في عبادته واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولم يخالطها ببدعة.
إذاً، فليبشر بتقبل الله عز وجل لطاعته، وإدخاله إياه في جنته، جعلنا الله من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
واعلم أن مرجع هذه البدع المشار إليها إلى أمور:
الأول: أحاديث ضعيفة لا يجوز الاحتجاج بها ولا نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا لا يجوز العمل به عندنا، على ما بينه الألباني سلمه الله في مقدمة كتابه "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "، وهو مذهب جماعة من أهل العلم؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.
الثاني: أحاديث موضوعة، أو لا أصل لها، خفي أمرها على بعض الفقهاء، فبنوا عليها أحكاماً هي من صميم البدع ومحدثات الأمور !
الثالث: اجتهادات واستحسانات صدرت من بعض الفقهاء، خاصة المتأخرين منهم، لم يدعموها بأي دليل شرعي، بل ساقوها مساق المسلمات من الأمور، حتى صارت سنناً تتبع!
ولا يخفى على المتبصر في دينه؛ أن ذلك مما لا يسوغ اتباعه؛ إذ لا شرع إلا ما شرعه الله تعالى، وحسب المستحسن – إن كان مجتهداً – أن يجوز له هو العمل بما استحسنه و أن لا يؤاخذه الله به، أما أن يتخذ الناس ذلك شريعة وسنة؛ فلا ثم لا، فكيف وبعضها مخالف للسنة العملية كما سيأتي التنبيه عليه إن شاء الله تعالى؟!
رابعاً: عادات وخرافات لا يدل عليها الشرع، ولا يشهد لها عقل، و إن عمل بها بعض الجهال واتخذوها شرعة لهم، ولم يعدموا من يؤيدهم، ولو في بعض ذلك – ممن يدعي العلم ويتزيى بزيهم.
ثم ليعلم أن هذه البدع ليست خطورتها في نسبة واحدة، بل هي على درجات؛ فبعضها شرك وكفر صريح كما سترى، وبعضها دون ذلك، ولكن يجب أن يعلم أن أصغر بدعة يأتي الرجل بها في الدين هي محرمة بعد تبين كونها بدعة؛ فليس في البدع – كما يتوهم بعضهم- ما هو في رتبة المكروه فقط، كيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار"؛ أي: صاحبها.
وقد حقق هذا أتم تحقيق الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه العظيم "الاعتصام".
ولذلك فأمر البدعة خطير جداً، لا يزال أكثر الناس في غفلة عنه، ولا يعرف ذلك إلا طائفة من أهل العلم، وحسبك دليلاً عل خطورة البدعة قوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله احتجر التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته". رواه الطبراني والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" وغيرهما بسند صحيح. وحسنه المنذري.[2]
وأختم هذه الكلمة بنصيحة أقدمها إلى القراء من إمام كبير من علماء المسلمين الأولين، وهو الشيخ حسن بن علي البربهاري من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله المتوفى سنة (329هـ).
قال رحمه الله تعالى: " واحذر من صغار المحدثات؛ فإن صغار البدع تعود حتى تصير كباراً، وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيراً يشبه الحق، فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطع المخرج منها، فعظمت، وصارت ديناً يدان به.
فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة؛ فلا تعجلن، ولا تدخل في شيء منه؛ حتى تسأل وتنظر: هل تكلم فيه أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء ؟ فإن أصبت أثراً عنهم؛ فتمسك به، ولا تجاوزه لشيء، ولا تختر عليه شيئاً؛ فتسقط في النار.
واعلم رحمك الله أنه لا يتم إسلام عبد حتى يكون متبعاً ومصدقاً مسلماً، فمن زعم أنه قد بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كذبهم، وكفى بهذا فرقة وطعناً عليهم؛ فهو مبتدع ضال مضل محدث في الإسلام ما ليس فيه".
قلت: ورحم الله الإمام مالك حيث قال: " لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فما لم يكن يومئذ ديناً، لا يكون اليوم ديناً ".
وصلى الله على نبينا القائل:" ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا وقد نهيتكم عنه ".
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات][3]
و إليك ذكر بدع صلوات التطوع:
1- الصلاة التي يصلونها في أواخر رمضان لتكفير الفوائت من صلوات العام الماضي. "السنن والمبتدعات" (ص17).
2- صلاة دعاء حفظ القرآن. "السنن والمبتدعات" (ص124).
3- صلاة الحاجة: " من كانت له حاجة إلى الله …". "السنن والمبتدعات" (ص124)
4- قراءة سورة الأنعام في ركعة واحدة في رمضان أو غيره بدعة، سواء تحروا الليلة بعينها أو لا؛ كما يفعله بعض الناس: يقرؤنها في آخر ركعة من صلاة الوتر، يطول على الناس، ويهذها هذاً مكروهاً. "مختصر الفتاوى المصرية".
5- الاجتماع على صلاة في المساجد مقدرة بمئة ركعة بقراءة ألف: {قل هو الله أحد}؛ دائماً؛ فهي بدعة لم يستحبها أحد. "مختصر الفتاوى المصرية" (ص 81 )
6- صلاة الآبق والضياع. "السنن والمبتدعات" (ص127)
7- صلاة العازم على السفر. "السنن والمبتدعات" (ص129).
8- صلاة الأوابين بين المغرب والعشاء. " السنن والمبتدعات" (ص130)، "صحيح الترغيب والترهيب" (1/280).
9- صلاة الغفلة بين المغرب والعشاء. " السنن والمبتدعات" (ص130).
10- صلاة الكفاية. "السنن والمبتدعات" (ص132).
11- صلاة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم. " السنن والمبتدعات" (ص132).
12- صلاة عاشوراء. " السنن والمبتدعات " (ص134- 180).
13- صلاة ليلة المعراج.
14- صلاة كل ليلة من رجب. " السنن والمبتدعات" (ص 140، 143).
15- صلاة الرغائب من رجب، "السنن والمبتدعات" (ص156)، "علم أصول البدع" (ص149، 150، 151).
16- صلاة البراءة ليلة النصف من شعبان. " السنن والمبتدعات" (ص144)، "علم أصول البدع" (ص115، 149- 150).
17- صلاة دفع البلاء. " السنن والمبتدعات" (ص145).
18- صلاة كل ليلة من شعبان. " السنن والمبتدعات" (ص140، 143، 156).
19- صلاة ليلة القدر. " السنن والمبتدعات " (ص156).
20- صلاة ليلة عيد الفطر ويومه عيد الأضحى. " مختصر الفتاوى المصرية" (ص79)، " السنن والمبتدعات" (ص161، 172، 180).
21- صلاة يوم عرفة. " السنن والمبتدعات" (ص172).
22- صلوات أيام الأسبوع. " مختصر الفتاوى المصرية" (ص78)، " السنن والمبتدعات" (ص179).
23- الصلوات الحولية. " مختصر الفتاوى المصرية " (ص78).
24- الصلاة الألفية أول رجب ونصف شعبان. " مختصر الفتاوى المصرية" (ص78)، " السنن والمبتدعات" (ص179)، "علم أصول البدع" (86).
25- الصلاة الاثني عشرية في أول جمعة من رجب.
26- الصلاة في ليلة سبع وعشرين من رجب، "مختصر الفتاوى المصرية" (ص78)، "السنن والمبتدعات" (ص180).
27- صلاة الأشهر الثلاثة. " مختصر الفتاوى المصرية" (ص78-79).
28- صلاة ركعتين بعد السعي. " ملحق بدع الحج والعمر والزيارة آخر كتاب حجة النهي كما رواها جابر" (ص121).
29- إحياء الليل كله. " علم أصول البدع" (ص86، 108).
30- المداومة على صلاة النفل جماعة. " مختصر الفتاوى المصرية" (ص81).
31- الاجتماع المعتاد في المساجد على صلاة مقدرة بدعة. "مختصر الفتاوى المصرية" (ص81).